مقتطفات من كتاب الإقليم لمؤلفه ديفيد ديلاني
مقدمة
تتناول المقتطفات المقدمة دراسة شاملة ومتعددة الأبعاد لمفهومي “الإقليم” و”الإقليمية”. فالإقليم ليس مجرد مفهوم جغرافي بسيط، بل هو عنصر أساسي في الحياة الاجتماعية البشرية، مرتبط بعمق بالسلطة والهوية والعمليات التاريخية خاصة في سياق الحداثة. تتحدى المصادر الفهم التقليدي المبسط للإقليم، وتدعو إلى تبني منهج أكثر ديناميكية ونقدية يأخذ في الاعتبار أشكال الإقليم المختلفة ووظائفه وتداعياته عبر مستويات ومجالات متعددة. تشمل الموضوعات الرئيسية التي استُكشفت الواقع العملي للإقليمية في الحياة اليومية، تعقيدها النظري، تطورها التاريخي، علاقتها بالسلطة والخطاب، وتجلياتها في دراسات حالة محددة مثل إسرائيل/فلسطين.
الموضوعات الرئيسية والأفكار/الحقائق المهمة:
1. الإقليم كواقع معيش، وليس مجرد خط على الخريطة:
يؤكد الكاتب أن الحدود والأقاليم ليست خطوطاً مجردة، بل لها عواقب عملية عميقة على حياة البشر، وغالبًا ما تمثل مسائل “حياة أو موت”.
إن أمثلة مثل مجموعات دوريات الحدود المسلحة (Ranch Rescue، Humane Borders) والعمليات العسكرية تبرز الواقع الملموس والطبيعة المتنازع عليها للإقليم. كما أن الإقليمية موجودة في مساحات يومية صغيرة مثل أماكن العمل، النوادي، السجون، الحدائق، حتى داخل المنازل (“الإقليميات الصغيرة للحياة اليومية”). تحدد الوصول سواء كنت “داخل” أو “خارج”. ويعرض مفهوم “الملكية الخاصة” كخاصية وهوية تشكل تجارب الأفراد اليومية وتعكس كيف ينقسم العالم إلى أقاليم عامة وخاصة.
اقتباس: “الحدود ليست مجرد خط على الخريطة؛ إنها الأراضي التي تميزها وتفصلها، وفي الوقت نفسه، أنشأت بعض المنظمات مجموعات حراسة مسلحة تقوم بعمليات، عملياً، في أميركا الوسطى حيث توجد Humane Borders، وفي الولايات المتحدة حيث توجد Ranch Rescue. هذا دفاع عن الملكية والسيادة، واستطلاع للحدود…”. (ص. 16)
اقتباس آخر يصف كيف تتجلى الإقليمية في الأماكن اليومية وكيف تؤثر الملكية الخاصة على الدخول والاستبعاد، مع أمثلة على الفوارق الاجتماعية والرقابية. (ص. 17)
2. الإقليم كظاهرة معقدة وديناميكية:
ينتقد الكاتب الرؤى المبسطة أو الوظيفية للإقليم، ويؤكد أنه “بعيد عن البساطة”. الإقليم عنصر معقد في الحياة الاجتماعية يشمل التفاعلات والعلاقات البشرية وعمليات الإنتاج والتحول. ويفضل استخدام مصطلح “الإقليمية” لتسليط الضوء على العمليات والممارسات الاجتماعية الديناميكية التي تظهر أو تغير الأنماط الإقليمية.
اقتباس: “الأمثلة التوضيحية التي قدمتها هي عناصر من الحياة الاجتماعية والعلاقات والتفاعلات البشرية…”. (ص. 22)
اقتباس يوضح كيف تختلف مظاهر الإقليمية عبر الثقافات والعصور الاقتصادية والاجتماعية المختلفة، مشيراً إلى أن الإقليميات تعكس خصائص النظام الاجتماعي الذي ينتجها. (ص. 23)
3. الإقليم كأداة للسلطة والسيطرة الاجتماعية:
الإقليم مرتبط أساساً بممارسة السلطة والسيطرة على الناس والأشياء. ويرتبط مفهوم “السيطرة الاجتماعية” بتنظيم الإقليم والتهميش/الاضطهاد.
اقتباس: “الإقليمية استراتيجية فعالة للسيطرة على الناس والأشياء في الفضاء… مرتبطة بالسلطة، وهدف الكتاب تحليل مزايا وعيوب الإقليمية.” (ص. 99)
اقتباس يوضح كيف تعمل الإقليمية في عمليات التهميش والاضطهاد، مع التركيز على السيطرة الاجتماعية، استبعاد “الآخرين”، وعمليات “التطهير” في الثقافات الغربية. (ص. 131)
4. تأثير الحداثة على الإقليمية:
كل الحداثة تشكل تكويناً تاريخياً وثقافياً مميزاً أثر بعمق على الإقليمية. صعود الدولة الوطنية، الرأسمالية، الاستعمار، والأيديولوجيات (الليبرالية، العقلانية، الفردية) مرتبطة بأشكال إقليمية حديثة. الإقليمية الحديثة تشمل إنشاء فضاءات ذات سيادة، أنظمة الملكية الخاصة، وإعادة إقليمية الحياة اليومية. كما تعلب التكنولوجيا (الاتصالات، النقل) دورا في تسريع التغيرات الإقليمية في العصر الحديث.
اقتباس: يحدد الحداثة كطريقة تفكير وشعور ووجود ثقافي مميز ظهر في أوروبا الشرقية وتوسع عبر الإمبريالية والرأسمالية ليشمل العالم. (ص. 36)
اقتباس يوضح كيف يمكن تحليل إقليمية المؤسسات والعمليات والهوية، مع التركيز على التداخل بين الإقليمية والجنس والعرق. (ص. 29)
5. أهمية المنظورات النقدية والمقاربات متعددة التخصصات:
يشير الكاتب إلى أن التخصصات الأكاديمية التقليدية فرقت دراسة الإقليم، مما أعاق الفهم الشامل.
تمثل المنهجيات النقدية، خصوصاً من الجغرافيا السياسية والنقدية، ضرورة لتحدي الافتراضات السائدة حول الإقليم وعلاقته بالسلطة.
المنظورات متعددة التخصصات من الأنثروبولوجيا، العلاقات الدولية، علم الاجتماع، وعلم النفس ضرورية لفهم أعمق.
وأشار الكاتب إلى مفهوم “الفخ الإقليمي” ويبرز كيف أن نظرية العلاقات الدولية محدودة بتركيزها على الدولة الوطنية كوحدة تحليل رئيسية.
اقتباس يربط بين السلطة والمعنى في الإقليم، ويركز على الأطر الميتافيزيقية والأيديولوجية التي تجعل أنواعاً معينة من الأقاليم واضحة وملموسة. (ص. 32)
اقتباس يوضح إهمال دراسة الإقليم في العلاقات الدولية رغم أهميته، ويشرح كيف يعرّف الإقليم الحدود بين الداخل والخارج، المحلي والعالمي. (ص. 58)
6. الإقليمية كعملية “صنع الفضاء” أو “إنتاج الفضاء”:
بناءً على فكرة ليفيفر عن “إنتاج الفضاء”، يرى الكاتب أن التشكيلات الإقليمية، بما فيها الدولة، “مُنتجة اجتماعياً”. الإقليمية ليست أمراً طبيعياً بل تُخلق وتُعاد خلقها عبر العمليات والممارسات الاجتماعية. سيكون إنتاج الفضاء مرتبط بالسلطة والسيطرة وتشكيل الواقع الاجتماعي.
اقتباس يشرح كيف ترتبط هذه العملية بعمليات اجتماعية-مكانية واسعة مثل تكوين الدولة، الاستعمار، وإعادة الإقليمية. (ص. 150، 83)
7. الإقليمية وبناء الهوية:
ليس الإقليم مجرد حاوية للهوية، بل يشارك بنشاط في بنائها. وتشكل الخطابات والممارسات الإقليمية الهويات الفردية والجماعية، غالباً على خطوط العرق والجنس والجنسية.
دراسة حالة إسرائيل/فلسطين تظهر كيف أن السيطرة الإقليمية والتهجير مركزيان في بناء هويات الإسرائيليين (اليهود) والفلسطينيين (العرب)، وغالباً في مواجهة بعضهم البعض.
اقتباس يوضح كيف تُبنى الهويات على الحدود بشكل مختلف عن داخل الدولة، مع أمثلة تاريخية من الولايات المتحدة حول الإقليمية العرقية. (ص. 127)
8. العولمة وإعادة الإقليمية:
تُفهم العولمة كمجموعة معقدة من العمليات والخطابات المتعلقة بتغيرات عالمية سريعة ومتداخلة.وبالرغم من أن العولمة قد تبدو كأنها تُزيل بعض جوانب الإقليمية، إلا أنها تؤدي أيضاً إلى إعادة إقليمية. فالظواهر الاجتماعية التي كانت محصورة في هياكل إقليمية (كالدولة الوطنية) لم تعد كذلك. كما أن صعود الشبكات والتدفقات المرتبطة بالعولمة لا ينفي أهمية الإقليم بل يحولها.
اقتباس يوضح كيف أن العولمة أدت إلى “عالم بلا حدود” مع بروز تدفقات وشبكات لا تعيق السيادة والتماسك الإقليمي. (ص. 92)
الأهمية العامة:
يدعو الكاتب إلى تبني فهما متجددا للإقليم. فهو ليس مجرد وعاء محايد أو ميزة جغرافية ثابتة، بل عنصر ديناميكي، متنازع عليه، ومنتج اجتماعياً، ومحوري في التجربة الإنسانية. من خلال تجاوز التعريفات المبسطة والتفسيرات الوظيفية، يشجع الكاتب على منهج نقدي ومتعدد التخصصات يعترف بالتداخل المعقد بين الإقليم، السلطة، الهوية، التاريخ، والخطاب في تشكيل عالمنا. دراسة حالة إسرائيل/فلسطين تقدم مثالاً قوياً على هذه المفاهيم في الواقع، مع إبراز العواقب المدمرة للإقليمية المتشابكة مع الصراعات على السلطة وبناء الهوية.